أقلام حرة

صادق السامرائي: رَجَمَةُ أوطانهم!!

الرجم: الرمي بالحجارة

الأوطان تلد أعداءها مثلما الأرحام تلد أعداءها، وفي ذلك إختبار لذوي الألباب والرشاد الأمين.

الأوطان تلد مَن يبطش بها من بين أبنائها، كما تلد الأم ولدا عاقا يذيقها الأمرار، فيتحقق فوق ترابها صراعات حامية، ما بين الحالتين، وهذا ديدن مضت عليه الأجيال التي ترعرعت في أي وطن في هذه الأرض الدّوارة.

فهل عُذتم، أي إستجرتم بأوطانكم من بطش أعدائها المولودين فيها؟

إن الإستجارة بالوطن تعني المحبة والألفة والأخوة الوطنية، وإعلاء قيمة المواطنة وإرتقاء الوطن إلى مصاف العقيدة الحياتية المطلقة، اللازمة لصناعة المجد والعزة لأية صفة وإنتماء آخر.

فجميع العقائد أيا كانت طبيعتها، لابد لها من وعاء وطني تترعرع فيه، والإسلام عقيدة وطنها مكة والمدينة، وقد عاشت  ثلاثة عشر سنة في مكة وعشرة سنوات في المدينة ، حتى بلغت شأوها وعُلاها، وإنطلقت في رحاب الأرض، ولولا ذلك الوطن ما انطلق الدين.

فالأوطان قدرات تساهم في تحقيق التفاعلات الحضارية الإنسانية الازمة لتحقيق الأهداف المرغوبة والمتفقة مع طبيعتها.

ولا توجد قوة أو مجموعة أهانت وطنها وذاقت طعم العز والكرامة، وشعرت بالقوة والأمن والسلام.

فإذا فقد الوطن قيمته وقوته فأن كل ما فيه يفقد قدرته على البقاء والنماء، وهذا واضح فيما يجري في عدد من البلدان التي إستهانت بأوطانها وحسبتها شخصا أو حزبا أو طائفة  أو غير ذلك، فتورطت في متاهات وإنهيارات أخلاقية وأمنية وصراعات دامية ودمارات قاسية.

وعليه فأن رَجَمة الأوطان لا يجنون من سلوكهم سوى الخسران، بما يتسببون به من تداعيات وفظائع ومآثم وخطايا، وما يسمونه إنتصارات أو إستحواذات وفتك بالأعراض والممتلكات.

فالأوطان حالة ثابتة راسخة منتمية لأمها الأرض، وكلّ ما فيها من التراب الذي لابد يوما أن تعود إليه جميع الخلائق مهما توهّمتْ بالقوة والقدرة على البقاء.

فهل من وطن عزيز؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم