أقلام ثقافية

سُوف عبيد: سنفونية الشعر التونسي

في صباح يوم السبت 4 جانفي 2024 اِستقبل نادي الميعاد بجمعية ابن عرفة بمدينة تونس العتيقة وبالتعاون مع دار الثقافة السليمانية أعضاء نادي الشعر والرّواية بمدينة قرنبالية فكانت مناسبة رائقة التقى فيها عديد الشعراء الذين أنشدوا قصائدهم المتنوعة المواضيع والأساليب مؤكدين أن الحركة الشعرية التونسية تعيش فترة مزدهرة نعتبرها رافدا مُهمّا في خضم الشعر العربي المعاصر الذي ما فتئ يتجدّد ويتطوّر مشرقا ومغربا وباعتزاز يشرفني أن أنقل ما تيسّر من تلك القصائد التي اِستمعنا إليها شاكرا للشعراء تعاونهم وللصديق الشاعر ميلاد ميلاد رئيس نادي الشعر والرواية بقرنبالية جمعها .

..........................

الوالدان هما العينان والبصرُ

هما الدّروعُ لنا والدِفء والأملُ

*

هما الأصولُ ونحن الفَرعُ والثمَر

هما القداسةُ والإجلال والمَثَلُ

*

هما الأمان لنا في عالَم الفِتن

هما المَلاذُ إذا ضاقت بنا السّبلُ

*

هما السعادة في الدنيا فإن رَحلا

تَغدو الحياة جَحيما ليس يُحتمَلُ

*

كم مِن ليالٍ قضَوا في الخوف والقلق

لما وُلدنا وما نامَت لهم مُقَلُ

*

باعوا النفيسَ لكَي يَقضُوا حوائجنا

وأكرمونا وما ملّوا وما بخِلوا

*

وعلّمونا أُصُول العِزّ والأدب

وكيف نحيا كِراما ما بنا خجَلُ

*

ضحّوا بصحتهم والمال والعُمُرَ

حتى كبُرنا وهُم وافاهمُ الأجَلُ

*

مهما مدَحنا ومهما طال شُكرهُمُ

فلن تعبّر عن إحساسنا الجُمَلُ

*

فمن يبَرُّ ويُرضي والديه نَجا

ونال خيرا فنِعْم الصُنعُ والعمل

*

ومَن عصاهم ولم يحفَل بنصحِهمِ

يَعِش قرينا لجُرح ليس يَندملُ

*

فالوالدان هما كل الحياة لنا

وليس يوجدُ في الدنيا لهم بدَلُ

*

فالشهدُ مُرًّا يصير بعد موتهم

والعَلقمُ المُرّ في أحضانِهم عسَلُ

*

وليد السبري – تونس

......................... 

تحولات

قمري المرائي يزرع الأشواك ،

في حلقي..يسافر في دمي،

قمرا حزين

يغزو نوافذ وحدتي،

ها أنني أوصدتها..فتحدَّها إن شئت،

لن ترتاح في حلمي،

و لن تستطعمنْ شهد الأنين

أتُراك زُرْتَ مقابر الأحياء،

هل أحرقْت صُفْر كتائب النساك،

أم عرّجْت في وطني على خمارة الحي العتيق

أو هل تراك قد استكنْت إلى كوابيس الحريق

شرّشْتَ في وعي المرافئ كالقدر

فتحجّرتْ سفني..على مرمى حجر

لا..لم تكن قمري و لا حزني الدفين

لن تستبيح دماء حلمي،

لا و لن تستطعمنْ شهد الأنين

إني أضأت شموع قلبي،

فليكن نهَمي البكاءُ،

و أطعمتْني من موائد رحلتي ،

أعنابُ هذا التيه،

فاسترشدْتُ أقمار الضِّياع

و أكلت من خبز الجياع

سِيانِ..مأتم مسجدي و كنيسة الأمر المطاع

و دفاتر الأشجان.. ذاع

سري..تفرق من دمي بين القبائل،

ما يُروّي عشق آلاف الضحايا

ولْتغفرِ الأم الخطايا

سيان..ما هدأ الصراع

كلا..و ما أدفأتُ من جمري،

و لا أشبعت من خبزي الجياع

أبدا..كما لم يهْدِني نجمي..،

و لا قمر الضياع

***

صفوان بن مراد

.....................

وطني العزيز

وطني العزبز ، تراك عيني شامخا

عزفت حروفي من هواك نشيدا

*

لا يولد العظماء الا مرّة

و اراك تولد كالصّباح جديدا

*

و أرى العواصم في جوارك أنجما

و أراك بدرا في السماء فريدا

*

قضّيت عمرا في دروبك هانئا

في كل يوم في ربوعك عيدا

*

اني بحبك يا الحبيبة تونس

أحببت شعري و ارتجلت قصيدا

*

اعلى مقامك ما استطعت بأحرفي

و أخط من فنّ القريض مزيدا

*

فالصدر حبّ غامر متجدد

و الحرف كان من الضلوع وليدا

*

و الجسم طوفان قوي هادر

و القلب ان لمع الحديد حديدا

*

انا كسطح الماء يبدو ساكنا

و إذا استشاط الغيض صار شديدا

*

فإذا تخطاك العدو بجنده

و اراد كيدك عاد منك طريدا

*

نلقاه أسدا و النيوب قواطع

نحميك بل نسقي الطغاة صديدا

*

تاريخك العزّ الذي نحيا به

و بدون حصنك قد نصير عبيدا

*

يا بيرقا يسمو و يخفق شامخا

يعلو بمجدك في السّماء بعيدا

***

بقلمي: الشاعر التونسي

الحبيب المبروك الزيطاري نابل. تونس...

.......................

من مجموعتي الشّعريّة السّادسة

وصيّتي هذا البلد

يا أمّه..

هزّي إليك

بجذع بعض غمامةٍ

كيُ تسكبي

بردًا..سلامًا في الكبدْ

وعليكِ..يسّاقط

من الرُّطب الجنيّات

الجلدْ

ليُربّت الوجع الجليلَ

ضميدةً

بُشرى

بعمر الصّابرينَ

وبسمةً

تفترّ عن ألق الحياةِ

بجرحه..

ذاك الولدْ

هذا البلدْ...

*

يا جرحهُ

ياريحَ مسكٍ

في

مسامّ الأرض

في..

عبق التّراتيل الحميمةِ

والصّلاة

وعطر أنفاس الشّهادةِ

والولادةِ

في..

تسابيح المددْ

تهفو

لأذكار الأماني

في مخاضات البلدْ...

*

يا أمّهُ...

طوبى لجرحك

خضّب الرّوح النّديّة

واصطفى..

محضيّة الحلم المفدّى

والمُنى..

وسليلة الوجع المعتّقِ

بالإباءِ

وبالحياة...

يا جرحها

يا جرحها الحنّاءَ

يا زغرودةً

خضراءَ .. في لون الرّبى

ونديّةً

مثل الغمامةِ ..

ريحها

قد فاح في

كفّ المدائنِ

عنبرًا

مِسْكًا ونَدْ

من طيب أبخرة البلدْ

*

زفّيه

في ألق القريضِ

قصيدةً

وبلابل الحرف الشّفيف

مطيّةٌ

قد زغردت أنفاسهُ

وتعطّرت

شقّي عليه الحرف

مختال الرّؤى

وتيمّمي

صعَدًا..صعيدًا طيّبا

من نفحة الأرض التي

شقّت

على دمه الأديمَ

معانقًا

نبض الجسدْ

ومسافرًا

فوق المدى

في عمق أوردة البلدْ

ضُمّيه

للقلب الكليمِ

تميمةً

وتنفّسي نفْح الطّهورِ

بجرحه

في

نزْف شريان البلدْ

*

با أمّه..

يا أمّنا الخضراءَ

يا عبَقَ النّدى

من عطر ألف حضارةٍ..

وحضارةٍ

ها..ها أنا

يمّمت شطرَ الحرف

أسكب مُنيتي

حبّا

خرافيّ السّمات

هوًى

طفوليّ الرّؤى

ورغيف حلمٍ

مُشتهَى

أهفو لهُ

ويطوف بالأحلامِ

معتمرًا

إلى وطنٍ

يُساكنني

وقِبلتُه البلدْ

*

يا أمّهُ..

لا تذرفي ادرّوح الشّفيفةَ

في الحدادِ

وربّتي

رَوْح البلاد الرّاجغة

ردّي إليكِ

وشاحَ أقواس القزح

وتزيّني

وتكحّلي

في عينك الشّلاّلُ

يُغرق حُرقةً

تطفُو

بذكرى الرّاحلينَ

منارةً

ونشيدَ بوصلةٍ

بأوصال البلد

ترجيعةَ النّغم الشّهيدِ:

وصيّتي هذا البلدْ

وصيّتي هذا البلدْ

وصيّتي هذا البلدْ

- بسمة الحذيري -

....................

مشاركة الشاعرة والكاتبة سليمى السرايري

من كتاب رسائلُ إلى بحّارٍ ورسائلُ أخرى

المشاركة برسالة إلى الأستاذ سوف عبيد

أستاذي الشَّاعِر سُوف عبيد،

لَقَدْ أَخَذَتْنَا الحَيَاةُ وَتَقَلُّبَاتُهَا بِمَا فِيهَا مِنْ عَنَاصِرَ خَلَقَهَا اَللَّهُ فَكَانَ لَهَا اَلْأَثَرُ اَلْأَكْبَرُ عَلَى حَيَاتِنَا اَلْبَسِيطَةِ مِثْلَ اَلنَّارِ واَلسَّمَاءِ واَلْقَمَرِ واَلشَّمْسِ واَلْمَاءِ واَلرِّيحِ واَلْمَوْتِ وَالْعِشْقِ، فَوَظَّفَتْ اَلْأَسَاطِيرُ هَذِهِ اَلْمُفْرَدَاتِ وَمَثِيلَاتِهَا، فَكَانَتْ لَهَا دَلَالَاتُهَا وَرُمُوزُهَا اَلْبَيِّنَةُ وَالْخَفِيَّةُ لِتُبْرِزَ أُسْطُورَةَ اَلْمَاءِ اَلَّتِي يُوَظِّفُهَا جُلُّ اَلشُّعَرَاءِ فِي هَمْسِهِمْ لِلْقَلَمِ. فَكَأَنَّهُمْ عَلَى مَوْعِدٍ قَائِمٍ مَعَ (آلِهَةِ المَاءِ) اَلَّتِي تَلُوذُ بِأَفْنَانِ اَلْهَوَى أَيْنَمَا تَتّجِهُ. فَتَرَاهَا قَابِعَةً فِي جَوْفِ كُفُوفِهِمْ تَهْمِسُ:

أَنَا هُنَا خُلِقْتُ مِنْ مَاءِ وَصَدَفٍ " مَعْرُوكَةً " بِصَلْصَالِ اَلْغُيُومِ.

وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ تَعُودُ مِنْ آخِرٍ اَلْأُسْطُورَةِ لِتَلْتَقِينَا عَلَى عَتَبَاتِ اَلشَّوْقِ، تُثِيرُ اَلْعَوَاصِفَ وَالشُّمُــوسَ وَالْأَلْوَانَ اَلْمُتَبَقِّيَةَ عِنْدَ اَلسَّاحِلِ اَلْقَدِيمِ…

اَلْوَقْتُ هُنَاكَ يَرْقُصُ عَلَى أَصَابِعِ اَلْمَوْجِ اَلَّتِي تَحْتَضِنُ اَلْحَنِينَ وَتَقُولُ: لَا تَتَأَخَّرْ حَبِيبِي رُبَّمَا يَغْمُرُنِي اَلطُّوفَانُ…

وَنَحْنُ يَا صَدِيقِي، فِي دَهْشَةٍ مِنْ أَمْرِنَا نَتَسَاءَلُ بِصَوْتٍ خَافِتٍ مَاذَا يَلْزَمُنَا اَلْآنَ؟ أَمَلٌ؟ اِسْتِقْرَارٌ؟ فَرَحٌ؟ لَعَلَّنَا نَقِفُ عَلَى مَا وَرَاءِ هَذِهِ اَلْحَاجَاتِ اَلْمُلِحَّةِ، حِينَ تَضِجُّ تِلْكَ اَلْآلِهَةُ بِالْوَجَعِ.

إِذَنْ، هِيَ اَلْحُرِّيَّةُ اَلَّتِي يَصْبُو إلَيْهَا كُلُّ كَاتِبٍ، وَنَفْهَمُ هَذَا مِنْ إِشَارَتِهِ إِلَى البَحْرِ، وَاَلشَّجَرِ وَالْعَصَافِيرِ، إِلَى طَرِيقٍ مُمْتَدَّةٍ جَمَالًا، نُقِيمُ فَوْقَهَا أَعْرَاسًا لِلْغَيْمَاتِ الشَّارِدَةِ.

هَلْ هَذَا كُلُّ مَا يَصْبُو إِلَيْهِ اَلشَّاعِرُ؟ إِنَّهُ اَلْوَجْهُ اَلسَّاكِنُ فِي ذَاتِهِ، وَجْهٌ يَنْتَظِرُهُ فِي تَمَوُّجَاتِ اَلضَّوْءِ وَفِي عُزْلَةِ اَلْأَشْيَاءِ.

هَلْ هُوَ اَلْحُلْمُ؟ أَمْ اَلانْتِظَارُ؟ أُمْ تَعْوِيذَةُ اَلْعِشْقِ اَلْمُكَبَّلِ دَائِمًا بِالْخَوْفِ؟

اَلْخَوْفُ اَلسَّاكِنُ فِي قُلُوبٍ عَاشِقَةٍ، خَوْفُ اَلْهَجْرِ وَالرَّحِيلِ غَيْرَ أَنَّهُ عَادَةً مَا يَعُودُ اَلْكَاتِبُ، مِنْ كُلِّ هَذِهِ اَلتَّخَوُّفَاتِ وَهَذِهِ اَلْحَيْرَةِ بِأَمَلٍ يُدَاعِبُ رُوحَهُ اَلْمُتَعَطِّشَةَ إِلَى الجَمَالِ يَزْرَعُهُ اَلطَّرَفُ اَلْآخَرُ عَلَى شَرَاشِفِ اَلْقَصِيدَةِ.

وَأَنَا اَلْمَحُكَ فِي أَوْجِ اَلْأُسْطُورَةِ، تَفُكُّ ضَفَائِرَ "الجازية" اَلْفَاتِنَةِ حِينَ وَصَلَتْ تَحْمِلُ فِي عَيْنَيْهَا اَلنَّاعِسَتَيْنِ تِلْكَ اَلْبِحَارَ اَلَّتِي لَمْ تَرَهَا، كُنْتَ تُدْرِكُ حِينَهَا، أَنَّكَ نَسِيتَ اَلرَّشَادَ مُجْتَازًا اَلْأَهْوَالَ تَهَبُ أَحْلَامَكَ لِسَوَادِ شَعْرِهَـا اَلْغَجَـرِيِّ، وَتَسْكُنُ مِائَةَ عَامٍ فِي اَلْعِشْقِ اَلْمُكَبَّلِ بِالضَّفِيرَةِ اَلطَّوِيلَـةِ كَلَيْلِ اَلصَّحْرَاءِ وَأَنْتَ اَلَّذِي لَفَّتْكَ مَوَاوِيلُ اَلْقَوَافِلِ اَلرَّاحِلَةِ نَحْوَ أَرَاضِي اَلْمَاءِ تَقِيسُ تِلْكَ اَلْمَسَافَاتِ وَتَنْتَظِرُ هُنَاكَ مُرُورَ الرَّكْبِ، وَالْجَازِيَةُ اَلْحَسْنَاءُ مَا زَالَتْ تَجْمَعُ نَظَرَاتِكَ اَلْوَلْهَى وَتَحْتَفِظُ بِقَصَائِدِكَ المُشْتَعِلَةِ وَجْدًا وَهُيَامًا بَيْنَ طَيَّاتِ ثَوْبِهَا اَلْمُطَرَّزِ بِالْعَقِيقِ وَالْمَرْجَانِ وَتَعَلِّقُ فِي أَقْرَاطِهَا اَلْفِضِّيَّةِ هَمْسَكَ اَلنَّاعِمَ:

هِيَ الحُسنُ في سِحرِها العَجَبُ

فَلَوْ بَسَمَتْ يُجْرَحُ العـنبُ

ولو حَادثـتْها الفيافي بصوتٍ

جَرى سَلسَبِيلٌ كَما الخببُ

إذا ما مَشَتْ نَوّرَ الغُصْنُ شَوْقًا

وأُحْرِقَ دَرْبِي هِيَ اللَّـهَبُ

يَا لَهُ مِنْ هَمْسٍ اَلَّذِي سَكَنَهَا وَأَسْكَنَهَا فِرَادِيسَ اَلْعُشَّاقِ!! وَقَدْ كَسَاهَا اَلْخَجَلُ فَأَسْبَلَتْ جَفْنَيْهَا حَيَاءً تُزِيحُ عَنْ جَبِينِهَا قِطْعَةً حَرِيرِيَّةً مِنْ شَعْرِهَا اَلْأُسْطُورِيِّ وَقَدْ فَاحَتْ مِنْهُ رَائِحَةُ اَلْأَعْشَابِ اَلْجَبَلِيَّةِ وَالزُّيُوتِ اَلنَّادِرَةِ، تِلْكَ اَلْخَلِيطَةُ اَلْعَجِيبَةُ اَلَّتِي قَالُوا إِّنَّهَا أَطَالَتْ جَدَائِلَهَا فَعَانَقَتْ لَيْلَ اَلصَّحْرَاءِ وَتَجَمَّلَتْ بِهِ اَلْيَافِعَاتُ فِي أَحْلَامِهِنَّ اَلْوَرْدِيَّةِ . . .

اِنْهَضْ فَقْد دَقَّتْ اَلشُّمُوسُ عُيُونَ اَلرُّعَاةِ وَاشْرَأَبَّتْ نَحْوَ قَطِيعِ اَلْأَغْنَامِ تَزِيدُ مِنْ لَمَعَانِ وَبَرِ اَلْمَاعِزِ اَلْغَزَالِيِّ النَّاعِمِ...

يَا صَدِيقِي، قَدْ رَحَلَتْ اَلْجَازِيَةُ اَلْفَاتِنَةُ وَأَسْدَلَ اَلْفَرَاغُ جَنَاحَيْهِ اَلثَّقِيلَيْنِ عَلَى تِلْكَ المَرَاعِي، فَحَزِنَتْ الأَعْشَابُ وَالأَطْوَادُ وَظَلَّ اَلنَّخِيلُ وَحِيدًا يَنْتَحِـبُ فِي صَمْتٍ وَخُشُوعٍ.

صَدِيقَتُكَ

 ..................

لا تلمني

بقلم : نجاة الورغي

لا تلمني إن أخذت الشمس إلفا

ولففت البدر لفا

وتلحفت بنورالكون لحفا

*

لا تلمني إن جعلت الطائر الشحرور

ضيفا

ولبست السحب والأمطار شالا

تلك أحلامي ثمالا تتسابق تتعالا

نحو مدارات الرؤى

*

لا تلمني إن كسرت أغلال الركود

وصفقت الباب في وجه الجحود

وزرعت الحب بذرا كي يجود

بالتآخي، بالخلود

*

لا تلمني إن تساميت بفني

إن سخرت من عشيقات التجني

وأميرات الرياء...

*

إنني يا لائمي أخت الصفاء

وأنا أخت النجوم هاهنا

نرعى بدرا باسما فوق الورى

بدر تم يتهادى والعلا

فاندهش إن شئت

أو قل ما تشاء

إذ أنا بنت السماء!

*

داء الهوى

قالت

أحقّا صرفك عشقي عن النّساء

وهل اغتناجي أغناك عن الغواني

قلت:

لمّا عشقتك والفؤاد إليك فاء

من أوّل نظرة ببعض الثّواني

*

أرديتني أسيرا مالي منك وجاء

أردّد اسمك في لحن الأغاني

*

أخلصتك حبّا وإن عزّ اللّقاء

ما تحوّلت وإن كنت أعاني

*

حبيبتي أنت ملكة وهنّ الإماء

أتوق إليك والوجد كواني

*

يا بؤبؤ العين دونك النساء

ضنّك في البوح قرحا ابكاني

*

يا جنّة ملؤها الجمال والنقاء

نذرت لك مهجتي ونبع حناني

*

بفخامة الحوطة حول الضّياء

ذوت من الجوى روحي والنوم جفاني

*

طاب لي المقام ومعك رمت البقاء

فهل لي وطر فيك يجلي أحزاني

*

إنّما الكتمان بألم زؤام الدّاء

جودي يا خير من بالوصل داواني

*

انت ملهمتي وحبيبتي الغنجاء

يا سرّ سحر الوجود يا قمر زماني

*

جدت لك غزلا من حروف السّنا

كيف لا وأنت الحسناء أحصن الحسان

***

ميلاد محمود ميلاد(تونس)

...................

جياد النور

لو يصير المرج أخضر

لو يصير الركب أكبر

يستح الاعداء دوما

من صهيل من عويل

من رجا دهر تعثّر

لا تعودوا للمذكّر

لا تخطوا الرقم دفتر

فيه عنوان تنكر

عهدهم يحتاج محضر

دينهم نقْض تبخّر....

إنْ هُمُ جادت مداهم

حطمت قلبا تعطر

والأماني كالهشيم

والمعاني تتبخر

صيّروا الأحلام طين

عطّلوا فكر اليقين

طفلنا اليوم تفتّر

يا حماة العرض هبوا

ما لنا سقف ليستر

من فلسطين نجوع

نذرف الدمع ونستر

من فلسطين نموت

ندفن الاشلاء نُقبر

رأس طفل قلب أمٍّ

بعثرت كلسا تحجّر

والدّماء من عجين

تجري من عين وتقطر

والأيادي من لعين

لطّخت وجها كمقمر

دمرت في الأرض سلما

قطعت وصلا تجسّر

ضيقت أفْقِ الحنين

جمّدت نبضا تحضّر

أرسلت عرق الجبين

مزقت أرضا ومحجر

عاهدت نور اليقين

أخلفت من أرضي منصر

خاب في التّدبير جيل

مات من حقد تنكر

مات من حقد تنكّر

***

الشاعرة حياة عبد الخالق

.........................

هذه الأرض تلعنكم

عودو من حيث أتيتم

أو موتوا بغزة أن غزة إن شئتم

فأديم الأرض يلعنكم

أحياء كنتم أو موتى

*

الطفل بغزة ينذركم

قسما بالأقصى سنخرجكم

سنظل نغني القدس لنا

و تعود الأرض بحوزتنا

النصر النصر و إما فلا

لا سلاما كان و لا كنتم

*

الطفل يعانق لعبته

يروي أسراره للقمر

و يصون عرين عروبته

يبني أمجادا بالحجر

و يمد ذراعه مبتهجا

أماه خطي هنا اسمي

إن مت شهيدا ذا لقبي

تجدين الوشم على جسدي

*

الطفل رماد عروبتنا

في جوفه نار تتقد

ستثور الأرض لنصرتنا

و يعود الطفل و يتحد

ليخط بنود وصيته

قولو لأبي أن لا يبكي

من مات شهيدا طوبى له

من أجل القدس فلا تبك

*

عودو من حيث أتيتم

أو موتوا بغزة أن غزة إن شئتم

فأديم الأرض يلعنكم

أحياء كنتم أو موتى

***

شكري الغضاب

......................

حديث الروح

جلست أنا..

و طيفك القريب البعيد

احتسي قهوتي

المعطرة بالشوق

واعتصرت

دمع الحبر الورديِّ

على ضفاف الحنين

فتناثرت صفحات

الذكريات

مع خفقان القلب العليل

جلست احتسي

عصير كل قصائد

العشق الأزليِّ

حملت الرياح الروح اليك

ليتك تقرا نبض الشوق

بعيون قلبك

فقد امتلأت اجزاءي

بتعويذة الوجد

*

أجابت روحه...

يااال تعويذة الوجد

بتبتّل ترتلها

راهبة الحب

من أعماق القلب

بشفيف اللبّ

بالفؤاد الصبّ

فاقت مدايات الودّ

*

حبيتي...

يا ناسكة العشق...

يا هالة القمر بالغسق

يا وضّاءة الجبين

بجمال الشفق

يا عاشقة الياسمين

يا عالما غروسه الورد

*

عشقت فيك...

الحِلم والحُلم...

النبض وبنات القلم

ورقي الروح بالخضم

عشقت بعشقك القهوة

بلون ومذاق العتم

يستهويني شعرك فأردّ

*

اما نظرت...

طويلا في عيوني

حيث انت تحت جفوني

كما سكنت الشغاف

بالروح بالأوصاف

وانا الولهان الهاف

اما وجدتني لك في الهزل والجدّ

*

يا مناي انت...

أريدك بكلّك كما انت...

أصلّيك بجهري وصمتي

أصونك ولا اخونك

دهري حبيبتي انت

يقتلني وجدي إذا غبت

الثواني أعواما في عدّي

***

هالة بنت خفيز الدامرجي

في المثقف اليوم